تعتبر الروائية سمر المقرن، الرواية السعودية في أفضل حالاتها الآن، حيث بلغ عدد الروايات المنشورة أكثر من 150رواية، وفي نظرها، فإن الرواية في السعودية تجرأت كثيراً على نقد الواقع وعلى الانفلات أكثر من القيود الاجتماعية.

تحتل الرواية الآن، واجهة المشهد الثقافي في السعودية، وتجاوز ما نُشر فعليا في الأعوام الثلاثة الأخيرة الـ 150 رواية، وهو معدل كبير جدا لم يشهده الأدب السعودي من قبل، وللمرأة الكاتبة نصيب كبير من هذا الكم، الذي يتباين بالطبع في مدى الجودة والتلقي، وهذا ما يؤكد على نبوءة الروائي الطيب صالح، عندما سئل قبل حوالي ربع قرن عن سبب تأخر ظهور الرواية في السعودية مقارنة بما هو في بقية البلدان العربية فقال: "الرواية في السعودية سوف تكتبها المرأة". جاء ذلك في الندوة التي أقامتها رابطة الأدباء تحت عنوان "الرواية النسوية السعودية ونبش الواقع" التي استضافت فيها الروائية والصحفية السعودية سمر المقرن.
حيث أكدت الروائية المقرن، أن الرواية النسائية في السعودية، حققت قفزة نوعية وكمية هائلة، وأصبحت تشكل سمة جديدة ومغايرة للسائد والمكرس في الكتابة الروائية العربية بعد أن تخلصت من عبء تقاليد السرد الروائي، وأضافت أبعاداً وتصوراتٍ أخرى تختلف مع الخطاب الروائي الثابت، الذي أصبح يتشابه في آليات إنتاجه وتقنياته الأسلوبية، وحتى في تصوير شخوصه ونمطية أبطاله، مؤكدة أن الرواية السعودية ،اليوم، لم تعد تعبأ بمكونات العمل الروائي السابق عليها شكلا ولغة وتوجها، وكتبت نصها الخاص الصادم مع السلطة بمختلف أشكالها والمعبر عن مرحلة زمنية مختلفة في معطياتها، فجاءت النصوص مغامرة حاملة توجها جديدا في الكتابة الروائية على مستوى اللغة وأساليب السرد، متشابهة في هم التعبير والإفصاح والمكاشفة لقضايا المرأة الاجتماعية والفكرية في مجتمع تقليدي انتقائي، ومن دون الوقوع في ظلمات التجريب، فاحتضنت الشبكة العنكبوتية كثيراً من الروايات الجريئة التي تكتبها السعوديات عبر المواقع بأسماء مستعارة وعبر حلقات يومية أو أسبوعية، لتجسّ بذلك نبض القارئ وتقيس ردود أفعاله من وراء حجاب، كما حدث مع "أنت لي" لتمر حنا، ورواية الأوبة لوردة عبد الملك ورواية بنات الرياض لرجاء الصانع. وأوضحت، أن كل العوامل السابقة، أبرزت روايات نسوية تمحورت حول معاناة المرأة وسيطرة القيم الذكورية على المجتمع السعودي، ويمكن أن نصفها بانتفاضة الرواية النسائية، وليس تسونامي الرواية كما أطلق عليها البعض، لأن الانتفاضة تعني الكم والكيف، فقد اتسم هذا الجيل بغزارة إنتاجه، ودخلت المرأة بقوة إلى عالم الكتابة الروائية نتيجة للتطورات التي شهدها المجتمع السعودي، وحاجة الكاتبة إلى طرح قضاياها في شكل يمثل تعويضا لما شهدته طوال فترات سابقة من تعطيل لدورها، مثال على ذلك، رواية البحريات لأميمة الخميس، وملامح لزينب حفني، وبنات الرياض لرجاء الصانع.
وعن إشكالية الكاتبة السعودية، قالت المقرن، إن إشكالية الكاتبة السعودية ليست مع الرجل نفسه، بل مع الصورة التي أنتجتها الموروثات الثقافية، والسائد الاجتماعي للرجل، إذ دفعت هذه الصورة إلى تنميط العلاقة بين الرجل والمرأة في النص الروائي الذي تنتجه الكاتبة، وأن الكاتبة اتخذت من خطابها الروائي وسيلة للدفاع عن ذاتها، متكئة على الذاكرة كمخزون ثرٍّ للحوادث والمشاهدات الحياتية، مشيرة إلى أن الرواية النسائية، هي الرواية التي تبدعها المرأة عموما، بعكس الرواية النسوية التي بها خصوصية للمرأة، وتحمل رسالة تتمثل في الدفاع عن حقوقها، وتنبع من طرح همومها وأحلامها وعلاقاتها داخل المجتمع ردا على ما تعانيه من تهميش لدورها، لذلك فقد نجد أعمالا لروائيين رجال تندرج ضمن الأعمال النسوية مثل رواية هاني نقشبندي "اختلاس"، فهي تغوص في عالم المرأة وتعيد اكتشافه عبر صور ومشاهدات جديرة بالتأمل والمناقشة.
كما أكدت، أن شيوع نظريات النقد النسوي وتحديد مفهوم مصطلح الكتابة النسوية، حمل خصوصية أبعد مما تحمله دلالة الكاتبة النسائية، وأدى إلى ظهور العديد من النصوص والدراسات الداعية إلى تبني خطاب جديد يشتغل على مناهضة العنصرية الجنسوية، في الوقت الذي لا ينكر فيه خصوصية التجربة الأنثوية في الكتابة والأدب والثقافة عموما.